-
سُعود ..
"عالقٌ في مصْيَدِ المابَينْ"
لقد سجَّلت هذا على صفحاتِ عمري، بقلمٍ قد جفَّ حبره، ويبسَ بحره، فأينَ له أن يُترجمَ ما اختلجَ في الصدر، وما سقطَ في غائرِ العمر، إلى كلماتٍ تقرأ؟ وهل يكفي التَّدوين؟ وأنا برغمِ كلِّ ما سطَّرت، لم أزل ناهضًا حتى اللحظة، حائرَ الفؤاد، أرافقُ الأرقَ والسُّهاد، أشيرُ للغائبين، وقد حملهم الحنين، وأنفذهم في الغياب!
كم شكَّلت المجالات، وأتممتُ ما طالَ من المقالات، وحصرتُ المواقف، وكتبتُ عن الطرائف، وعن مشاهدَ مُنقضية، ولحظة بديعة، ومراحِلَ سريعة، غادرت، وبقيَت أطلالها تنبض في نواحي الذاكرة. كم أبدعتُ الخيالات، وأنشأتُ من وجودها الأبيات، وترنَّمتُ بها على أرصفةِ الحياة. كم رصَفتُ حجارة أحاديث المُستقبل، منتظرًا كمال بنيانه، والوصول إلى تمامه؛ لأكشف عنه دُجنَّةَ ظلامه، وأنظر ما فيه، ومن ستكون فيه.
وهل أوصلني ذلك إلى شيءٍ مما أصبو إليه، وعالجَ ما تركتُ العملَ عليه؟ لا أظن ذلك!
لزائِرِ الصفحة، أقول: هذا بعضُ ما نسجتهُ على الكُرَّاس، ورقمته في غفلةِ الحرَّاس، وحفظته بين الطروس والقرطاس؛ فاقْبلهُ على شُحِّ ما فيهِ مما يستدعي المكوث الطويل، واغفر لي ما كان من أخذِ وقتكَ الثمين، فإنَّ الله غفورٌ رحيم.
- سُعود ١٤٤٥/٣/٢٤ هِـ ..